فصل: تفسير الآية رقم (103):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



فانطلقنا، فأتينا على نهر أحمر مثل الدم، وإذا في النهر رجل سابح يسبح، وإذا على شاطئ النهر رجل عنده حجارة كثيرة، وإذا ذلك السابح يسبح ما يسبح، ثم يأتي الذي قد جمع عنده الحجارة فيفغر له فاه فيلقمه حجرًا فينطلق فيسبح، ثم يرجع إليه كلما رجع فغر له فاه فألقمه حجرًا. قلت لهما: ما هذان...؟!
قالا لي: انطلق. فانطلقنا، فأتينا على رجل كريه المرآة كأكره ما أنت راء، وإذا هو عنده نار يحشها ويسعى حولها. قلت لها: ما هذا...؟! قالا لي: انطلق. فانطلقنا، فأتينا على روضة معتمة فيها من كل نور الربيع، وإذا بين ظهري الروضة رجل طويل لا أكاد أرى رأسه طولًا في السماء، وإذا حول الرجل من أكثر ولدان رأيتهم قط.
قالا لي: انطلق. فانطلقنا، فانتهينا إلى روضة عظيمة لم أر قط روضة أعظم منها ولا أحسن.
قالا لي: ارق فيها. فارتقينا فيها، فانتهينا إلى مدينة مبنية بلبن ذهب ولبن فضة، فأتينا باب المدينة فاستفتحنا ففتح لنا، فدخلناها فتلقانا فيها رجال شطر من خلقهم كأحسن ما أنت راء، وشطر كأقبح ما أنت راء.
قالا لهم: اذهبوا فقعوا في ذلك النهر. فإذا نهر معترض يجري كأن ماءه المخض في البياض فذهبوا فوقعوا فيه ثم رجعوا إلينا، فذهب السوء عنهم فصاروا في أحسن صورة...! قالا لي: هذه جنة عدن وهذاك منزلك، فسما بصري صعدًا فإذا قصر مثل الربابة البيضاء قالا لي: هذا منزلك. قلت لهما: بارك الله فيكما ذراني فأدخله.
قالا: أما الآن فلا، وأنت داخله.
قلت لهما: فإني رأيت منذ الليلة عجبًا، فما هذا الذي رأيت؟! قالا لي: أما الرجل الأول الذي أتيت عليه يثلغ رأسه بالحجر فإنه الرجل يأخذ القرآن فيرفضه، وينام عن الصلاة المكتوبة، يفعل به إلى يوم القيامة. وأما الرجل الذي أتيت عليه يشرشر شدقه إلى قفاه، ومنخراه إلى قفاه، وعينه إلى قفاه، فإنه الرجل يغدو من بيته فيكذب الكذبة تبلغ الآفاق فيصنع به إلى يوم القيامة. وأما الرجال والنساء العراة الذين في مثل التنور فإنهم الزناة والزواني. وأما الرجل الذي أتيت عليه يسبح في النهر ويلقم الحجارة فإنه آكل الربا. وأما الرجل الكريه المرآة الذي عنده النار يحشها فإنه مالك خازن النار. وأما الرجل الطويل الذي في الروضة فإنه إبراهيم عليه السلام. وأما الولدان الذين حوله فكل مولود مات على الفطرة. وأما القوم الذين كانوا شطر منهم حسن وشطر منهم قبيح فإنهم قوم خلطوا عملًا صالحًا وآخر سيئًا تجاوز الله عنهم، وأنا جبريل وهذا ميكائيل.
وأخرج الخطيب في تاريخه عن أبي موسى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «رأيت رجالًا تقرض جلودهم بمقاريض من نار. قلت: ما هؤلاء؟! قال: هؤلاء الذين يتزينون إلى ما لا يحل لهم. ورأيت خباء خبيث الريح وفيه صباح. قلت: ما هذا؟! قال: هن نساء يتزين إلى ما لا يحل لهن. ورأيت قومًا اغتسلوا من ماء الجناة. قلت: ما هؤلاء؟! قال: هم قوم خلطوا عملًا صالحًا وآخر سيئًا».
وأخرج ابن سعد عن الأسود بن قيس العبدي قال: لقي الحسن بن علي يومًا حبيب بن مسلمة فقال: يا حبيب رب ميسر لك في غير طاعة الله. فقال: أما ميسري إلى أبيك فليس من ذلك قال: بلى ولكنك أطعت معاوية على دنيا قليلة زائلة، فلئن قام بك في دنياك لقد قعد بك في دينك، ولو كنت إذ فعلت شرًا قلت خيرًا كان ذلك كما قال الله: {خلطوا عملًا صالحًا وآخر سيئًا} ولكنك كما قال الله: {كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون} [المطففين: 14]. اهـ.

.فوائد لغوية وإعرابية:

قال السمين:
{وَآَخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآَخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (102)}
قوله تعالى: {وَآخَرُونَ}: نسقٌ على {منافقون} أي: وممن حولكم آخرون، أو ومن أهلِ المدينة آخرون. ويجوز أن يكون مبتدأ و{اعترفوا} صفتَه، والخبر قوله: {خلطوا}.
قوله: {وَآخَرَ} نسقٌ على {عملًا}.
قال الزمخشري: فإن قلت: قد جُعِل كلُّ واحد منهما مخلوطًا فما المخلوط به؟ قلت: كلُّ واحدٍ مخلوطٌ ومخلوطٌ به، لأن المعنى: خلط كل واحدٍ منهما بالآخر كقولك: خَلَطْتُ الماء واللبن تريد: خَلَطْتُ كلَّ واحد منهما بصاحبه، وفيه ما ليس في قولك: خَلَطْتُ الماءَ باللبن لأنك جَعَلْتُ الماءَ مخلوطًا واللبن مخلوطًا به. وإذا قلته بالواو جَعَلْتَ الماء واللبن مخلوطين ومخلوطًا بهما، كأنك قلت: خَلَطْتُ الماء باللبن واللبن بالماء. ثم قال: ويجوز أن يكونَ مِنْ قولهم: بِعْتُ الشاء: شاةً ودرهمًا بمعنى: شاة بدرهم. قلت: لا يريد أن الواو بمعنى الباء، وإنما هذا تفسيرُ معنى. وقال أبو البقاء: ولو كان بالباء جاز أن تقول: خلطْتُ الحِنْطة والشعير، وخلطت الحنطةَ بالشعير.
قوله: {عسى الله} يجوز أن تكون الجملةُ مستأنفةً، ويجوز أن تكونَ في محل رفع خبرًا لـ {آخرون}، ويكون قولُه: {خلطوا} في محلِّ نصبٍ على الحال، وقد معه مقدرةٌ أي: قد خلطوا. فتلخَّص في {آخرون} أنه معطوفٌ على {منافقون}، أو مبتدأٌ مخبر عنه بـ {خلطوا} أو الجملةِ الرجائية. اهـ.

.من لطائف وفوائد المفسرين:

من لطائف القشيري في الآية:
قال عليه الرحمة:
{وَآَخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآَخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (102)}
إنْ اتصفوا بعيوبهم فلقد اعترفوا بذنوبهم. والإقرارُ توكيدُ الحقوق فيما بين الخَلْق في مشاهد الحكم، ولكن الإقرار بحق الله سبحانه يوجِبُ إسقاط الجُرْم في مقتضى سُنَّةِ. كَرَم الحقِّ- سبحانه، وفي معناه أنشدوا:
قيل لي: قد أَسَاءَ فيكَ فلانٌ ** وسكوتُ الفتى على الضيم عارُ

قلتُ: قد جاءني فأَحْسَنَ عُذرا ** دِيَةُ الذَّنبِ عندنا الاعتذار

{خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا}: ففي قوله: {وَآخَرَ سَيِّئًا} بعد قوله: {صَالِحًا} دليلٌ على أن الزَّلَّةَ لا تحبِطُ ثوابَ الطاعةِ؛ إذ لو أحبطته لم يكن العملُ صالحًا.
وكذلك قوله: {عَسَى اللهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ}: وعسى تفيد أنه لا يجب على الله شيء فقد يتوب وقد لا يتوب. ولأنَّ قوله صِدْقٌ.. فإذا أخبر أَنَّه يجِيبُ فإنه يفعل، فيجب منه لا يجب عليه.
ويقال قوله: {خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا}: يحتمل معناه أنهم يتوبون؛ فالتوبة عملٌ صالح. وقوله: {وَآخَرَ سَيِّئًا}: يحتمل أنه نَقْضُهم التوبة، فتكون الإشارة في قوله: {عَسَى اللهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ} أنهم إن نقضوا توبتهم وعادوا إلى ما تركوه من زَلَّتهم فواجبٌ مِنَّا أن نتوب عليهم، ولئن بطلت- بنَقْضِهم- توبتُهم.. لَمَا اخْتَلَّتْ- بفضلنا- توبتُنا عليهم. اهـ.

.تفسير الآية رقم (103):

قوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (103)}

.مناسبة الآية لما قبلها:

قال البقاعي:
ولما كان من شأن الرضوان قبول القربان، أمره صلى الله عليه وسلم تطهيرًا لهم وتطييبًا لقلوبهم بقوله: {خذ} ورحمهم بالتبعيض فقال: {من أموالهم صدقة} أي تطيب أنفسهم بإخراجها {تطهرهم} أي هي من ذنوبهم وتجري بهم مجرى الكفارة {وتزكيهم} أي أنت تزيدهم وتنميهم {بها} بتكثير حسناتهم {وصل} أي اعطف {عليهم} وأظهر شرفهم بدعائك لهم؛ ثم علل ذلك بقوله: {إن صلواتك} أي دعواتك التي تصلهم بها فتكون موصلة لهم إلى الله: {سكن لهم} أي تطمئن بها قلوبهم بعد قلق الخوف من عاقبة الذنب لما يعلمون من أن القبول لا يكون إلا ممن حصل له الرضى عنهم ومن أن الله سمع قولك إجابة لك ويعلم صدقك في صلاحهم {والله} أي المحيط بكل شيء {سميع عليم} أي لكل ما يمكن أن يسمع وما يمكن أن يعلم منك ومنهم ومن غيركم، فهو جدير بالإجابة والإثابة، وذلك أن هذا الصنف لما اشتد ندمهم على التخلف أوثقوا أنفسهم بسواري المسجد فسأل عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم فقيل: ندموا على التخلف عنك فحلفوا: لا يطلقهم إلا أنت، فقال: وأنا أطلقهم حتى أومر بذلك، فأنزل الله سبحانه وتعالى هذه الآيات فقالوا: يارسول الله! هذه أموالنا التي خلفتنا عنك فتصدق بها! فقال: ما أمرت بذلك، فلما أنزل الله هذه الآية أخذ الثلث فتصدق به. اهـ.

.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

ثم قال تعالى: {خُذْ مِنْ أموالهم صَدَقَةً تُطَهّرُهُمْ وَتُزَكّيهِمْ بِهَا} وفيه مسائل:

.المسألة الأولى: [في الاختلاف في المراد]:

اختلف الناس في المراد:
فقال بعضهم: هذا راجع إلى هؤلاء الذين تابوا، وذلك لأنهم بذلوا أموالهم للصدقة، فأوجب الله تعالى أخذها، وصار ذلك معتبرًا في كمال توبتهم لتكون جارية في حقهم مجرى الكفارة، وهذا قول الحسن، وكان يقول ليس المراد من هذه الآية الصدقة الواجبة، وإنما هي صدقة كفارة الذنب الذي صدر منهم.
والقول الثاني: أن الزكوات كانت واجبة عليهم، فلما تابوا من تخلفهم عن الغزو وحسن إسلامهم، وبذلوا الزكاة أمر الله رسوله أن يأخذها منهم.
والقول الثالث: أن هذه الآية كلام مبتدأ، والمقصود منها إيجاب أخذ الزكاة من الأغنياء وعليه أكثر الفقهاء إذ استدلوا بهذه الآية في إيجاب الزكوات.
وقالوا في الزكاة إنها طهرة، أما القائلون بالقول الأول: فقد احتجوا على صحة قولهم بأن الآيات لابد وأن تكون منتظمة متناسقة، أما لو حملناها على الزكوات الواجبة ابتداء، لم يبق لهذه الآية تعلق بما قبلها، ولا بما بعدها، وصارت كلمة أجنبية، وذلك لا يليق بكلام الله تعالى، وأما القائلون بأن المراد منه أخذ الزكوات الواجبة، قالوا: المناسبة حاصلة أيضًا على هذا التقدير، وذلك لأنهم لما أظهروا التوبة والندامة، عن تخلفهم عن غزوة تبوك، وهم أقروا بأن السبب الموجب لذلك التخلف حبهم للأموال وشدة حرصهم على صونها عن الإنفاق، فكأنه قيل لهم إنما يظهر صحة قولكم في ادعاء هذه التوبة والندامة لو أخرجتم الزكاة الواجبة، ولم تضايقوا فيها، لأن الدعوى لا تتقرر إلا بالمعنى، وعند الامتحان يكرم الرجل أو يهان، فإن أدوا تلك الزكوات عن طيبة النفس ظهر كونهم صادقين في تلك التوبة والإنابة، وإلا فهم كاذبون مزورون بهذا الطريق.
لكن حمل هذه الآية على التكليف بإخراج الزكوات الواجبة مع أنه يبق نظم هذه الآيات سليمًا أولى، ومما يدل على أن المراد الصدقات الواجبة.
قوله: {تُطَهّرُهُمْ وَتُزَكّيهِمْ بِهَا} والمعنى تطهرهم عن الذنب بسبب أخذ تلك الصدقات، وهذا إنما يصح لو قلنا إنه لو لم يأخذ تلك الصدقة لحصل الذنب، وذلك إنما يصح حصوله في الصدقات الواجبة.
وأما القائلون بالقول الأول: فقالوا: إنه عليه الصلاة والسلام لما عذر أولئك التائبين وأطلقهم قالوا يا رسول الله هذه أموالنا التي بسببها تخلفنا عنك فتصدق بها عنا وطهرنا واستغفر لنا، فقال عليه الصلاة والسلام: «ما أمرت أن آخذ من أموالكم شيئًا» فأنزل الله تعالى هذه الآيات فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلث أموالهم، وترك الثلثين لأنه تعالى قال: {خُذْ مِنْ أموالهم صَدَقَةً} ولم يقل خذ أموالهم، وكلمة {مِنْ} تفيد التبعيض.
واعلم أن هذه الرواية لا تمنع القول الذي اخترناه كأنه قيل لهم إنكم لما رضيتم بإخراج الصدقة التي هي غير واجبة فلأن تصيروا راضين بإخراج الواجبات أولى.

.المسألة الثانية: [في دلالة الآية على كثير من أحكام الزكاة]:

هذه الآية تدل على كثير من أحكام الزكاة.
الحكم الأول:
أن قوله: {خُذْ مِنْ أموالهم} يدل على أن القدر المأخوذ بعض تلك الأموال لا كلها إذ مقدار ذلك البعض غير مذكور هاهنا بصريح اللفظ، بل المذكور هاهنا قوله: {صَدَقَةٍ} ومعلوم أنه ليس المراد منه التنكير حتى يكفي أخد أي جزء كان، وإن كان في غاية القلة، مثل الحبة الواحدة من الحنطة أو الجزء الحقير من الذهب، فوجب أن يكون المراد منه صدقة معلومة الصفة والكيفية والكمية عندهم، حتى يكون قوله: {خُذْ مِنْ أموالهم صَدَقَةً} أمرًا بأخذ تلك الصدقة المعلومة، فحينئذ يزول الإجمال.
ومعلوم أن تلك الصدقة ليست إلا الصدقات التي وصفها رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين كيفيتها، والصدقة التي بين رسول الله صلى الله عليه وسلم هي أنه أمر بأن يؤخذ في خمس وعشرين بنت مخاض، وفي ستة وثلاثين بنت لبون، إلى غير ذلك من المراتب، فكان قوله: {خُذْ مِنْ أموالهم صَدَقَةً} أمرًا بأن يأخذ تلك الأشياء المخصوصة والأعيان المخصوصة، وظاهر الآية للوجوب، فدل هذا النص على أن أخذها واجب، وذلك يدل على أن القيمة لا تكون مجزئة على ما هو قول الشافعي رحمه الله.
الحكم الثاني:
أن قوله: {مِنْ أموالهم صَدَقَةً} يقتضي أن يكون المال مالًا لهم، ومتى كان الأمر كذلك لم يكن الفقير شريكًا للمالك في النصاب، وحينئذ يلزم أن تكون الزكاة متعلقة بالذمة.
وأن لا يكون لها تعلق ألبتة بالنصاب.
وإذا ثبت هذا فنقول: إنه إذا فرط في الزكاة حتى هلك النصاب، فالذي هلك ما كان محلًا للحق، بل محل الحق باق كما كان، فوجب أن يبقى ذلك الوجوب بعد هلاك النصاب كما كان، وهذا قول الشافعي رحمه الله.
الحكم الثالث:
ظاهر هذا العموم يوجب الزكاة في مال المديون، وفي مال الضمان، وهو ظاهر.
الحكم الرابع:
ظاهر الآية يدل على أن الزكاة إنما وجبت طهرة عن الآثام، فلا تجب إلا حيث تصير طهرة عن الآثام، وكونها طهرة عن الآثام لا يتقرر إلا حيث يمكن حصول الآثام، وذلك لا يعقل إلا في حق البالغ، فوجب أن لا يثبت وجوب الزكاة إلا في حق البالغ كما هو قول أبي حنيفة رحمه الله، إلا أن الشافعي رحمه الله يجيب ويقول إن الآية تدل على أخذ الصدقة من أموالهم، وأخذ الصدقة من أموالهم يستلزم كونها طهرة، فلم قلتم إن أخذ الزكاة من أموال الصبي، والمجنون طهرة لأنه لا يلزم من انتفاء سبب معين انتفاء الحكم مطلقًا؟